العدد الثالث و العشرين ..النصف الاول من شهر يناير كانون الثاني من عام ٢٠٢٤عازفات سوريات يشكلن فرقة موسيقية نسوية

الفرقة السورية اتجهت لتقديم أماسي كرمت فيها العديد من المطربات العربيات الشهيرات مثل سعاد محمد ووردة الجزائرية.

عاشت الموسيقى العربية والشرقية عصور ازدهار، كانت فيها في مرتبة عالية، خصص لها الحكام والموسيقيون وكذلك المتلقون الكثير من الجهد، وكانت محط عنايتهم، ولم تكن الموسيقى بكل حالاتها حكرا على الرجال، بل كان للمرأة حضور هام في هذا الجانب، ولعل كتاب “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني قد ذكر العديد من الأخبار عن مغنيات وعازفات اشتهرن في التاريخ الموسيقي العربي، ويبدو أن حفيدات تلك النسوة أردن متابعة طريق التميز الإبداعي الفني، فحقّقن حلما نسويا قديما طال انتظاره.

وتكريسا لهذا الطموح، انطلقت فكرة إنشاء فرقة موسيقية نسوية خالصة مع عدد من العازفات خريجات المعهد العالي للموسيقى بدمشق، واتجهت النية لتشكيل فرقة موسيقية تعنى بتقديم الموسيقى العربية التقليدية بكامل هيبتها وأصالتها المعروفة.

وبعد جهود كبيرة بذلتها الكثيرات، وصلن في أبريل عام 2003 لتشكيل فرقة موسيقية متكاملة حملت اسم “فرقة التخت الشرقي النسائي السوري”، وصارت فرقة رسمية، تعنى بتقديم كل ما تشكله الموسيقى العربية من قوالب آلية أو غنائية كالسماعي واللونغا والبشرف والقصيدة والأهزوجة والطقطوقة وغيرها.

كما اتجهت الفرقة لتقديم أماسي خاصة كرّمت فيها العديد من المطربات العربيات الشهيرات مثل سعاد محمد ووردة الجزائرية، وبدأت الفرقة بالحضور في المشهد الثقافي والفني السوري، وشاركت في العديد من الفعاليات المختلفة وصارت جزءا حيويا من المشهد الثقافي السوري، ثم تخطت تلك الحدود لتحضر في العديد من الفعاليات العربية ذات الصفة الفنية أو الثقافية، فشاركت في عيد المرأة العالمي في كل من العراق وعمان والبحرين وأبوظبي وبيروت، كما قدّمت بعض العروض في مدن عالمية مختلفة بإيطاليا واليونان والصين.

الموسيقى العربية لها تاريخ عريق وتتميز خاصة بالعنصر النسائي الذي أثراها سواء بالغناء أو العزف أو التأليف. لذا لا يمكن التطرق للموسيقى العربية دون الإتيان على ذكر مساهمات المرأة الكبيرة فيها، فمن مجالس النساء خرجت الكثير من الأغاني العميقة خاصة أغاني الوجد والغرام وما فيها من عوالم ممتعة للأذن والذهن

ولا شك أن تأسيس الفرقة لم يكن بالأمر الهين، وقد بذلت مؤسسات الفرقة وفاء سفر وخصاب خالد وسلفي سليمان جهدا كبيرا حتى أوصلن الفرقة لهذه الحالة، لكن أولى المصاعب التي واجهت مسيرتها كانت في تغيّر العازفات فيها، بحكم السفر أو الانشغالات المهنية أو ربما الزواج وتشكيل أسر وتربية الأطفال.

لكن إصرار باقي أعضاء الفرقة، وتحديدا المؤسسات لها نجحن في حمايتها من الفشل ووصلن بها إلى بر الأمان، حيث بقيت الفرقة موجودة رغم تبدل شخصيات العازفات فيها مرارا على امتداد سنوات عمرها التي صارت الآن خمسة عشر عاما بالتمام، بل على العكس كما تقول إحداهنّ “نحن ما زلنا نعمل ونجتهد، بل إننا نتوسع في ضم شخصيات أخرى للفرقة مع آلات جديدة، تعطيها مزيدا من الغنى الموسيقي، في تقديم الأجمل من الطيف الموسيقي العربي عموما، ضمن قوالب الموسيقى العربية الأصيلة التي نتوجه بالعمل عليها وتكريسها”.

وعاشت الفرقة خلال العامين الماضيين ظروفا قاهرة، بسبب الحرب التي تعيشها سوريا، فلم تقدّم أعمالا جديدة وتشتت العازفات فيها، لكن الرغبة مجددا في تفعيل وتأصيل حضور الفرقة في المشهد الثقافي والفني السوري جعل جهود هؤلاء النسوة يتركز مجددا لكي تشهد انطلاقة جديدة، وبمناسبة يوم المرأة العالمي الذي كان في مارس الماضي، وبالمزيد من الجهد قدّمت الفرقة جديدها في أوبرا دمشق في قلب العاصمة السورية، من خلال حفل ضم فقرات موسيقية متعددة انطلاقا من “سماعي محير”، مرورا بمقطوعة “أمل” لعطية شرارة ومنوعات من موسيقى أغاني وردة الجزائرية لبليغ حمدي، وصولا إلى دور “أنا هويت وانتهيت” لسيد درويش، وغيرها من أغاني فريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب ورياض السنباطي.

وشاركت في الحفل من العازفات كل من ديمة موازيني على آلة القانون، وهبة عودة على العود، ورزان قصار على الكمان، وليلى صالح على الكونترباص، وخصاب خالد وميرفت رافع على الإيقاع، ومن الذكور شارك بالعزف على آلة الناي، إبراهيم كدر، أما الإشراف العام على العمل فأمنته الفنانة وفاء سفر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »