كشف تفاصيل جريمة قتل شابة سورية على أيدي شقيقيها.
كُشف النقاب عن جريمة شهدها لبنان أخيراً، وقعت ضحيتها الشابة السورية أمينة الدالي البالغة من العمر 23 عاماً والمقيمة في بلدة النبي عثمان في البقاع الشمالي (شرق). أمينة قُتلت على أيدي شقيقَيها عامر وماهر بحجّة “الحفاظ على الشرف”، لكنّهما ادّعيا أنّها تعرّضت لأزمة قلبية وأوهما الجميع بذلك، قبل أن يُلقى القبض عليهما في خلال مراسم الدفن، بحسب ما أفادت المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني ـ شعبة العلاقات العامة.
وجاء في بيان أصدرته المديرية، اليوم الإثنين، أنّ “في إطار المتابعة اليومية التي تقوم بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي لكشف الجرائم في مختلف المناطق اللبنانية وملاحقة مرتكبيها وتوقيفهم، توفيت بتاريخ 3-5-2023 المدعوّة (أ. د. مواليد عام 2000، سورية) في بلدة النبي عثمان (قضاء بعلبك)”، لافتاً إلى أنّ شقيقَيها ادّعيا أنّها فارقت الحياة بعد توقّف قلبها فجأة.
أضاف بيان المديرية أنّه “بنتيجة المتابعة التي قامت بها شعبة المعلومات لتحديد ملابسات الوفاة، تبيّن وجود شبهات حول إقدام شقيقَي الفتاة على قتلها، وهما كلّ من ع. د. (مواليد عام 1997، سوري) و م. د. (مواليد عام 1999، سوري). وبالتاريخ ذاته، توجّهت إحدى دوريات الشعبة إلى النبي عثمان حيث كانت الضحية تُوارى الثرى في مدافن البلدة، فعملت بناءً على إشارة القضاء على إيقاف المراسم”.
وتابع البيان ذاته أنّ “الجثّة نُقلت بعدها إلى أحد المستشفيات للكشف عليها من قبل طبيب شرعي، وقد تبيّن أنّ سبب الوفاة ناتجة عن تعرّض الضحية للضرب بآلة حادة على الرأس حتى الموت.
على الفور، عملت دوريات الشعبة على توقيف شقيقَي المغدورة”. وإذ أشار إلى أنّه “بالتحقيق معهما، اعترفا بإقدامهما على قتل شقيقتهما بدافع الحفاظ على الشرف”، بيّن أنّ “الأوّل استدرجها إلى منزله حيث كان يوجد الثاني، وضرباها على رأسها بآلة حادة حتى فارقت الحياة.
ثمّ قاما بنقلها إلى المدافن في بلدة النبي عثمان لدفنها، بعد إعلامهما الأقارب بأنّ سبب الوفاة توقّف مفاجئ في القلب. وقد أُجري المقتضى القانوني بحقّهما، وأودعا المرجع المختص بناء على إشارة القضاء”.
وكشف حسن العاشق، من أهالي البلدة وأحد جيران الضحية أنّ “والد المغدورة توفي قبل نحو خمسة أشهر بعد أزمة نفسية أصابته من جرّاء خسارته ثمن منزله في بلدة البزالية المجاورة لبلدة النبي عثمان. ووالد أمينة كان قد أتى إلى لبنان مع عائلته، قبل أعوام طويلة، واشترى المنزل المذكور ثمّ باعه وأرسل المال إلى سورية، ليخسره هناك”.
وشرح العاشق أنّ “الرجل متزوّج من امرأتَين، ولديه خمسة أولاد من الزوجة الأولى من بينهم الشقيقان اللذان ارتكبا الجريمة وشقيقتهما الضحية، إلى جانب شقيقتَين أُخريَين تبلغان من العمر 10 أعوام و13 عاماً تقريباً.
وبعد وفاته، باتت عائلته وزوجته الثانية وأولادها يتنقّلان بين منزلَي الشقيقَين عامر وماهر، علماً أنّ أحدهما يسكن في بلدة النبي عثمان والآخر في بلدة العين (شرق) ويعملان في البناء مثلما كان يعمل والدهما”.
وأشار العاشق أنّ “عامر، الشقيق الأكبر، كان قد عاد سابقاً إلى سورية حيث أدّى الخدمة العسكرية الإجبارية لمدّة عامَين قبل أن يهرب إلى لبنان”.وتابع العاشق أنّ “العائلة زوّجت أمينة وهي في الثالثة عشرة من عمرها برجل سوري في الستينيات، لكنّها تطلّقت منه.
بعد ذلك زوّجوها برجل لبناني أربعيني وتطلّقت منه كذلك، من دون أن تنجب أطفالاً. ومنذ طلاقها الأوّل، يؤدي شقيقاها دور الوصيّ على أمينة، حتى عندما كان والدها لا يزال على قيد الحياة.
وقد كان ممنوعاً عليها العمل أو استخدام الهاتف، وكانت تعاني من ضغوط وقيود عديدة”.في سياق متصل، أفاد مصدر من بلدة النبي عثمان بأنّ “الروايات تعدّدت حول دوافع الجريمة الشنيعة، ولعلّ أبرزها أنّها جريمة شرف، غير أنّها تبقى مجرّد روايات مشكوك فيها”.
وأشار إلى أنّ “الشقيقَين كانا قد نقلا الجثة إلى بلدة البزالية المجاورة لدفنها. وفور اتّضاح ملابسات الوفاة وتوقيفهما، سارع باقي أفراد عائلتها إلى الهروب من النبي عثمان، وسط تكتّم تامّ من قبل العائلات السورية الموجودة فيها والتي يقارب عددها 40 عائلة”.
مهما كان سبب قتل أمينة، فإنّ المؤكد أنّ هذه الشابة تجسدّ مأساة جديدة تُضاف إلى مآسٍ أخرى عديدة من انتهاكات وجرائم قتل وغيرها تُرتكَب في حقّ النساء في لبنان، مهما اختلفت جنسياتهنّ، وذلك بمبرّرات واهية، لعلّ أبرزها “الحفاظ على الشرف”. ويأتي ذلك في حين أنّ الروادع القانونية تبقى قاصرة عن الحدّ من استباحة كرامات النساء وصون حقّهنّ في الحرية والحياة.