العدد الحادي عشر .. النصف الاول من شهر تموز يوليو عام ٢٠٢٣… مفهوم المرأة / مفهوم الإنسان

مفهوم المرأة / مفهوم الإنسان :

لا بد من أجل معالجة قضية المرأة من الوقوف على مفهومين اثنين : مفهوم القضية , ومفهوم المرأة .
فمفهوم القضية ينصب على كل علاقة بالمرأة مما ينشغل الناس به , ومعرفة خواصه المختلفة ومحاولة الإجابة على التساؤلات التي تطرحها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , وصولا الى إجابات نهائية تساعد على تجاوزها بصفة نهائية .
فالقضية ادن هي كل اهتمام مركزي يحتل مركز الصدارة في تفكيرنا ويعمل على توجيه سلوكنا في اتجاه إيجاد حلول للمشاكل التي تنجم عنها .
ومن القضايا التي تفرض نفسها على اهتمامات الناس الآنية والمستقبلية : قضية المرأة بكل تفاصيلها وتشعباتها في امتداداتها التاريخية والمستقبلية .
فما مفهوم المرأة التي تكون موضوعا للقضية ؟
ومعلوم ان المجتمع ينقسم الى جنس الذكور وجنس الإناث . وكنتيجة لهذا الانقسام الطبيعي تتميز المرأة بمجموعة من المميزات :
1) فهي كائن يختلف في طبيعته البيولوجية عن الرجل وتوكل اليه – بحكم الطبيعة – مهمة الإنجاب , كما توكل إليه – بحكم العادة – تربية الأولاد سواء كانوا ذكورا او إناثا . وهو ما يقودنا الى القول بان جنس المرأة مختلف عن جنس الرجل اختلافا يترتب عنه بناء رؤيا , تصور , وتقرير وظيفة اجتماعية نفسية , واتخاذ موقف معين تجاهها.
وحسب النظرة الجنسية للمرأة ,فإنها تتحول الى مجرد متاع في يد الرجل , يحتكره فيحرص عليه , ويراقبه , وينسب إليه كل الدنايا ويخصه للاستغلال الجنسي , ويوظفه لتحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية وسياسية للرجل , فهي خارج النظرة الدونية وخارج إرادة الرجل لاتساوي شيئا . عليها ان تكون كما يريدها الرجل المحكوم بتصور إيديولوجي معين , يسمونه * التصور الإسلامي * او تصور بورجوازي متخلف يسمونه * التصور الحداثي * وفي التصورين معا يبقى كيان المرأة الجنسي غير حاضر وغير وارد في الممارسة اليومية للمرأة , لأنها تبقى رهينة لاحد التصورين المتناقضين , والمتصارعين في نفس الوقت لانتمائها الى إيديولوجيتين متناقضتين .
والتصوران معا يتجسدان على ارض الواقع حيث نجد المرأة الى جانب الرجل الذي يسدل لحيته لا يظهر منها أي شيء , لانه يعتبرها عورة , يجب ان تخفى عن أعين الناس برؤيتها كما نجد رجلا بجانبه امرأة و لا يكاد يستر منها إلا القليل من جسدها يتعامل معها كبضاعة جميلة يعرضها ليتمتع الناس برؤيتها كما قد نجد امرأة تتعامل مع نفسها على أنها عورة او متعة , فتخفي نفسها او تعرض جسدها في السوق .
والتصوران معا تكون فيهما المرأة مستلبة والرجل مستلبا , والاستلاب لا يكون إلا إيديولوجيا , فالمرأة والرجل معا إما مستلبان بإيديولوجية المتنبئين الجدد التي تعيدنا الى عصور الظلام او بإيديولوجية البورجوازية التي تشيئ كل شيء بما في ذلك الجسد سواء تعلق الأمر بالرجل او المرأة .
أما المرأة فلا رؤية لها في نفسها كجنس ,لأنها لا تمتلك الوعي الكافي اللازم لإبداء رأيها او امتلاك تصور عن كيفية تعاملها مع جسدها .
وقد كان من المفروض ان تسود في المجتمع تربية جنسية رائدة تستحضر الاستقلال النسبي لتصورات الأفراد والجماعات عن الجنس بصفة عامة , وعن المرأة , وعلاقة الرجل معها بصفة خاصة , حتى يتصرف الجميع على أساس تلك التربية ويتعامل مع المرأة في إطارها , وبما ان هذه التربية غير موجودة فان النظرة الجنسية الدونية , والقمعية للمرأة تبقى سائدة .
2) والمرأة ككائن اجتماعي تلعب دورا رائدا في السير العادي للمجتمع , فهي ركيزة الأسرة التي بدونها لا تقوم قائمة , وهي المربية الأولى لأفرادها , والموجهة لسلوكهم , والحريصة على سلامتهم من الآفات التي قد يتعرضون لها , وهي التي تنسج شكل العلاقات التي تربط الأسرة بالمجتمع , و بالإضافة الى ذلك فهي مساهمة في بناء اقتصاد الأسرة عن طريق العمل خارج البيت , او منظمة لهذا الاقتصاد , وحريصة عليه وعاملة على استفادة الأسرة من الخدمات الاجتماعية المختلفة كالتعليم والصحة والسكن , والتشغيل ….وكل ما يمكن ان يؤدي الى رفع مستوى الأسرة على جميع المستويات حتى تزداد اندماجا في المجتمع ويسهل اندماج أفرادها فيه. ومع ذلك فهي تعكس كل أشكال التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي نظرا للاعتبارات الآتية :
أ- النظرة الدونية التي تعاني منها سواء تعلق الأمر بإطار الأسرة , او تعلق بالمجتمع ككل تلك النظرة النابعة من طبيعة جنسها , مما يترتب عنه تهميشها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
ب- بحرمانها من مجموعة من الحقوق التي يمتاز الرجل بالتمتع بها .
ج- انتشار الأمية بشكل مهول في صفوف النساء , واعتبارها مجالا لانتشار الأمراض الاجتماعية المختلفة .
د- اعتبارها مجرد متاع فيطلب منها ان تحتجب عن الذكور او ان تعرض جسدها بشكل مكشوف في الشارع كما تعرض باقي البضائع التي يتمتع بها الناس .
وتخلف المرة يبقى القاعدة التي تسود ما لم يتم العمل على تجاوز الاعتبارات اعلاه .
3) ونجد المرأة كانسان تشكل عمق الإنسانية بكل ما لهذا المفهوم من دلالة غير محدودة لا بالزمان و لا بالمكان , فهي الام التي ورد فيها قول الرسول * ص* الجنة تحت أقدام الأمهات ) وتستحق ان يرد فيها الحديث النبوي الشريف 🙁 من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال أمك , قيل ثم من ؟ فقال أمك قيل ثم من؟ قال أمك قيل ثم من ؟ قال أبوك ) . كما تستحق ان تكون لها نفس مكانة الرجل كما في قوله تعالى 🙁 و لا تقل لهما أف و لا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) وقوله في اخرى : ( ان اشكر لي ولوالديك ) وهي الأخت والبنت والزوجة , وهي في جميع الحالات مكمن العواطف النبيلة التي قال فيها الشاعر حافظ إبراهيم :
الام مدرسة ادا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق .
وحتى تكون بمثابة البلسم الذي يعالج كلوم المجتمع , ودواخل النفوس يكون من اللازم العناية بها , ورعاية إنسانيتها والاهتمام بإعدادها الجيد لتحمل المسؤوليات المختلفة . وصفاء إنسانية المرأة يعتبر ضروريا لقيامها بدورها , كما ان هذا الصفاء يساعد على اندماجها , وإحلالها المكانة التي تستحقها .
إلا ان ما يخدش كرامة الإنسان بصفة عامة , وكرامة المرأة بصفة خاصة هو إلغاء إنسانيتها في العادات والتقاليد والأعراف , وفي الاجتماع والثقافة. وفي الاقتصاد والسياسة وفي القوانين العامة والخاصة , وباسم العقيدة في الكثير من الأحيان .
ويتجسد إلغاء الإنسانية في النظرة الدونية التي تتجسد في :
أ?- التعامل مع المرأة على أنها دون مستوى الرجل ابتدء بمؤسسة الأسرة وانتهاء بالقوانين ومرورا بالممارسة اليومية للمجتمع حتى وان كان هدا الرجل معتوها .
ب?- اعتبارها مجرد متاع في البيت وتحفة نادرة تعرض في السوق , ومطية للتسلق الطبقي , وهو ما يرسخ في الممارسة اليومية للمجتمع إمكانية شرائها وبيع متعتها الى عامة الناس وجعلها مثار إغراء او منعها من مخالطة الناس .
ج – اعتبارها مثار الشهوات المختلفة , والمتدنية وسببا في الفتن المختلفة التي يعرفها الواقع بكل تجلياته .
د- اعتبارها عورة يجب حجبها عن الأعين حتى لا تسيئ الى المجتمع الذكوري , وكان الرجل ليس عورة من وجهة نظر المرأة .
ولذلك فإلغاء الدونية في الفكر وممارسة التربية على حقوق الإنسان والتعامل مع المرأة , على أساس مساواتها للرجل. وتحريم تبضيعها , واستحضار ضرورة تمتعها بحقوقها المختلفة وخاصة تمتعها بالحرية المنصوص عليها في المواثيق الدولية واستحضار كرامتها في التعامل معها .
4 ) والمرأة كحقوق تعتبر كالرجال في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , والمدنية والسياسية ,. بالإضافة الى حقوقها كامرأة لها خصوصيتها . وللتمتع بتلك الحقوق عليها ان تساهم في تنشيط الجمعيات الحقوقية ,وإنشاء الجمعيات الخاصة بحقوق المرأة .
غير أنها على مستوى التمتع بتلك الحقوق تجد نفسها محرومة منها بحكم العادة والتقاليد و الأعراف وبسبب القوانين السائدة التي تتناقض في معظمها مع ما ورد في المواثيق الدولية مما يكرس حرمانها من تلك الحقوق , وهو حرمان اصبح قاعدة في معظم المجتمعات ذات الأنظمة التابعة , وخاصة المسماة إسلامية ولذلك فوضعية المرأة على المستوى الحقوقي في هده البلدان يعتبر مترديا . ويقف وراء هدا التردي :
أ- إصرار الأنظمة الاستبدادية , وخاصة تلك التي تتستر بالدين الإسلامي على هضم حقوق المرأة على جميع المستويات , واعتبار ذلك الحرمان قرارا إلهيا , وبه وحده تبقى المرأة إما مندمجة في المجتمع , او محرومة من ذلك الاندماج اذا هي حملت قسطا من الوعي يجعلها تسعى الى المطالبة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .

ب- تعود الناس على هضم حقوق المرأة بسبب النظرة الدونية التي تعاني منها ,وهذا التعود يحضر بامتداداته الاقتصادية والاجتماعية وبأبعاده التاريخية والمستقبلية , وهو ما يجعله حاضرا في وجدانهم ومنتقلا الى الأجيال اللاحقة من خلال النظام التربوي السائد , ولا يمكن اجتثاثه إلا بنظام تربوي نقيض .

ج ) تدني الوعي الحقوقي في صفوف الناس بصفة عامة وفي صفوف المرأة بصفة خاصة , وهو ما ينتج عنه عدم معرفة تلك الحقوق وعدم الوعي بها مما يؤدي الى عدم المطالبة بها . وهدا التدني يعتبر عاما في جميع المجتمعات ذات الأنظمة التابعة .

د- عدم تدريس حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في المدارس والمعاهد والجامعات مما يجعل الوعي بها واحترامها غير حاضر في وجدان وممارسة الأجيال الصاعدة ومما يجعل معرفة تلك الحقوق غير واردة 
ولتجاوز عوامل التردي المذكورة , لا بد من إنضاج شروط تمتع المرأة بالحقوق العامة والحقوق الخاصة التي تتناسب مع وضعيتها كانسان له بعده البيولوجي الذي يمارس بواسطته خصوصية معينة تقتضي حقوقا خاصة بالإضافة الى أبعاده الأخرى التي يشترك فيها مع الرجل , مما يقتضي تمتيعها بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية التي تستلزم الكونية والشمولية والجماهيرية والتقدمية والديمقراطية, وعدم تحولها الى وسيلة للابتزاز من قبل جهة معينة لنكون بذلك متجاوزين للقيم المتخلفة التي تسعى الى سجن المرأة في خانة التخلف على جميع المستويات .
حقوق المرأة / حقوق الإنسان :

والرؤيا المبدئية ستؤدي الى طرح إشكالية مفهوم حقوق المرأة . هل هي نفسها حقوق الإنسان , أم إنها تختلف عنها , وما درجة الاختلاف ان وجد ؟ وهل في إمكان المرأة ان تحصل على حقوقها كاملة ؟ أم ان طرح حقوق المرأة هي مجرد إيديولوجية توظف لاستغلال المرأة في محطات معينة ؟ ثم بعد دلك يعود الأمر الى ما كان عليه .
والواقع ان الانطلاق من الرؤيا المبدئية بجنبنا الكثير من المزالق التي قد تقود الى إلحاق الحيف بالمرأة من منطلق ان حقوق المرأة تختلف عن حقوق الناس –هكذا – وأن هذه الحقوق ترتبط بمفهوم معين , او بعقيدة معينة , وهو ما يتنافى مع علاقة الخاص بالعام من جهة , ومع مبدئية الكونية والشمولية من جهة أخرى ، فتجنب المزالق على مستوى المفهوم , وعلى مستوى الممارسة سيجعل المرأة جزءا من حقوق الإنسان ومادامت كذلك فهي ذات :
1 ) حقوق اقتصادية تبيح لها الحصول على مصدر للدخل الاقتصادي الذي يمكنها من حفظ كرامتها وتجنبها المزالق المختلفة التي تنعت بها في المجتمعات المختلفة .
2 ) حقوق اجتماعية تمكنها من التعلم والتطبيب والشغل والسكن , والحماية الاجتماعية حتى تندمج اندماجا سليما في المجتمع , وهذا الاندماج السليم يعتبر شرطا لاحترام كرامة المرأة .
3 ) حقوق ثقافية تقف وراء تكريس ا لنظرة الصحيحة للمرأة بدل النظرة الدونية السائدة في المجتمعات التابعة فالثقافة تقف وراء التصورات والممارسات التي يقوم بها الناس في الواقع على جميع المستويات . ولذلك فالاهتمام بتثقيف المرأة يعتبر أساسيا في جعلها مساهمة في إغناء ثقافة المجتمع والثقافة الإنسانية مما يعتبر مساهمة من المرأة في تغيير النظرة إليها , وتشكيل ممارسة جديدة تجاهها تتناسب مع عصر حقوق الإنسان .

4 ) حقوق مدنية ترفع مكانة المرأة الى مستوى مكانة الرجل في المجتمع وتجعلها مساوية له في الحقوق والواجبات , وأمام القانون لا يلحقها حيف , ولا تضر غيرها إلا بموجب القانون , تتاح لها الفرصة لتحمل جميع المسؤوليات بمحض إرادتها .
5) وحقوق سياسية تجعل المرأة كالرجل في اكتساب حق الانتخاب وحق الترشيح , وحق تحمل المسؤولية الجماعية والبرلمانية وحق الانتماء الى الأحزاب والنقابات والجمعيات وحق إنشائها وتحمل المسؤولية فيها دون توجيه من أحد , او وصاية عليها.
وبالإضافة الى هذه الحقوق , هناك حقوق اخرى تقتضيها طبيعتها كامرأة من اجل حمايتها من كافة الأخطار التي قد تتعرض لها سواء من طرف الرجل او من طرف المجتمع , وهذه الحقوق الخاصة يجب ان تتم أجراتها في القوانين الخاصة كقانون مدونة الأحوال الشخصية .
و تتمتع المرأة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية وبحقوقها الخاصة عن طريق أجرأة تلك الحقوق في القوانين المعمول بها التي يجب ان تتلاءم مع المواثيق الدولية وخاصة قانون مدونة الأحوال الشخصية الذي يكرس دونية المرأة , ويحط من قيمتها في كل بلد إسلامي .

أهمية المرأة بالنسبة للمجتمع :

وانطلاقا من تمتيع المرأة بالحقوق العامة والخاصة نجد أنها تكتسب أهمية كبيرة على مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع كزوجة , كأخت, وكبنت , وهذه الأهمية تتنوع بتنوع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية, وبها تصبح ندا للرجل في تلك المجالات , لها ماله , وعليها ما عليه , يراهن المجتمع عليها كما يراهن على الرجل .
1 ) فهي تمارس الأنشطة الاقتصادية في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات والزراعة و الابناك وغيرها وبتلك الممارسة تتحول الى مالكة لوسائل الإنتاج او مشغلة لتلك الوسائل, تسعى إما الى تنمية مشاريعها ومقاولاتها , وإما الى تحسين أوضاعها المادية والمعنوية عن طريق إنشاء تنظيمات لهده الغاية .
2) وهي تمارس أنشطة اجتماعية عن طريق اشتغالها في مجالات التعليم والصحة بالخصوص حيث تكون عطاءاتها بدون حدود فتكتسب بذلك أهمية خاصة في قطاعي التعليم والصحة بسبب ما تقدمه من خدمات تتسم بالعمق الإنساني من خلال تعاملها مع الطفل ، الشباب والمريض , وهو ما يجعل خدمتها اكثر إفادة من خدمة الرجل , نظرا لطبيعتها كامرأة .
فتقديم الخدمات الاجتماعية من خلال المؤسسات الخدماتية يعتبر ضروريا حتى تستمر سلامة المجتمع من الأمراض المختلفة , إلا ان تقديم الخدمات تختلف من الرجل الى المرأة بسبب اختلاف طبيعية كل منهما , ولكون المجتمع يطمئن الى خدمات المرأة اكثر من اطمئنانه الى خدمات الرجل لاعتبارات نفسية و إنسانية 
3) وهي تساهم في إثراء الثقافة من خلال ممارسة الإبداع الثقافي , والعمل على تنشيط الأدوات الثقافية المختلفة , وخاصة اذا كانت الثقافة مضادة وهادفة لتناسبها مع شكل المرأة على جميع المستويات في المجتمعات المتخلفة والتابعة , فدور المرأة في المجال الثقافي اصبح واردا اكثر من أي وقت مضى لاعتبارات نذكر منها :
ا- ان الوعي الثقافي المقلوب يستهدف تدجين المرأة وتكريس استلابها وهي المعنية بالدرجة الأولى بمقولة التدجين و الاستيلاب في حالة تسرب الوعي الحقيقي إليها .
ب- ان تخلف المجتمع يتجسد بشكل كبير في صفوف النساء , لذلك فمساهمة المرأة في إثراء الثقافة سيقود الى ادراك المجتمع خطورة التخلف من جهة , والى جعل المرأة تدرك خطورة تخلفها من جهة اخرى حتى تعمل على انعتاقها .
ج-ا ن المجتمع لا يمكن ان يستغني عن مساهمة المرأة على المستوى الثقافي نظرا لان معظم الممارسات الثقافية لها علاقة بها، سواء تعلق الأمر بالعادات والتقاليد والأعراف وغيرها مما يجعلها محور الإبداعات الثقافية المختلفة سواء كانت من إنتاج الرجل او المرأة .
د- ان إعداد الأجيال ثقافيا رهين بمساهمة المرأة الرائدة على مستوى التنشيط الثقافي 
وبذلك يكون دور المرأة الثقافي حاضرا في الممارسة اليومية في جميع الأنسجة الاجتماعية ودافعا الى التخلص من مجموعة من الأمراض الثقافية .
4 ) وهي تنخرط في الممارسة السياسية من بابها الواسع فتنتمي الى الأحزاب السياسية وتتحمل المسؤولية الأساسية فيها . بل قد تصل الى مستوى القيادة المحلية والوطنية , ومن خلالها قد تتحمل المسؤوليات الجماعية والبرلمانية التي قد توصل الى المسؤوليات الحكومية .
ونظرا لقناعة المرأة باختيارات سياسية معينة فإنها تنخرط في تنفيذ برنامج نضالي معين يستهدف فرض اختيارات نقيضة للاختيارات السائدة حتى تحصل على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية المؤدية الى إدماج المرأة في التنمية المستدامة تماما كما هو الشان بالنسبة للرجل .
وبسبب تهميش المرأة على المستوى السياسي , فان النظرة الدونية السائدة في المجتمع تجاه المرأة تجعل مساهمة المرأة في الحركة السياسية يعتبر نشازا من المرأة مما يقتضي اختزال ممارستها السياسية في الإدلاء بصوتها كلما كانت هناك انتخابات لتغليب جهة معينة على باقي الجهات المناهضة للاختيارات القائمة , وبعد دلك تعود الى جحرها تختفي فيه , وتنشغل بأمور الحياة اليومية حتى وان كانت موظفة او محامية او مهندسة …. فخروجها لا يجيز لها القيام بالممارسة السياسية .
وللخروج من وضعية ضعف مساهمة المرأة في الحياة السياسية والحزبية , لا بد من إطلاق الحريات العامة والسياسية بالخصوص والعمل على إدماج المرأة في التنمية , وإعادة النظر في القوانين التي تكرس دونية المرأة وملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ,و تجريم ممارسة الدونية ضد المرأة حتى تعود للمرأة المكانة التي تستحقها ,وتمتلك الشجاعة على إعلان انتمائها السياسي , ودخولها في الممارسة السياسية لتسجل حضورها وبكثافة على جميع المستويات .
موقف المجتمع من المرأة :

وكون المرأة ذات أهمية اقتصادية وثقافية ومدنية وسياسية فان ذلك لم يمنع من سيادة موقف منها يكرس دونيتها ويحط من قيمتها , ويجعلها كائنا بيولوجيا يقوم بمهمة الإنجاب , او مجرد متعة للرجل , وحتى إذا سمح لها بالعمل فان ذلك راجع الى رغبة الرجل في المساهمة الاقتصادية للمرأة في العائد الاقتصادي للأسرة بصفة عامة , وللرجل بصفة خاصة . وليس من منطلق تمتيعها بحق من حقوقها الاجتماعية كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية , وفي إطار استقلاليتها عن الرجل في تلك الحقوق .

لمحمد الحنفي … هيئة تحرير مجلة جواء النسوية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »