العدد الخامس عشر ..النصف الأول من شهر أيلول سبتمبر من عام ٢٠٢٣…فتيات ضحايا الزواج القسري في إدلب
تجبر فتيات في إدلب على الزواج من عناصر يتبعون للمرتزقة في إدلب، بسبب الخوف من الانتقام والنفوذ، الأمر الذي قيد مستقبل العديد من الفتيات، وسلبهن طفولتهن وحقهن في الاختيار.
حنان العبيد (17 عاماً) النازحة من مدينة سراقب إلى مخيم تابع لمدينة سرمدا شمالي إدلب، أجبرت على الزواج من مرتزق يحمل اسم “أبو دجانة” بداية عام 2021، ولكن زواجها لم يدم أكثر من سنة واحدة، وعن ذلك تقول “بعد وفاة والدي طلبني من أخي شخص يكبرني بأكثر من 15 عاماً، لكنني رفضته وأخبرت والدتي برغبتي بمتابعة تعليمي، ولكنه أصر على ذلك وألح في طلبه، الأمر الذي دفع والدتي للموافقة، بحكم أنه ينتسب لإحدى فصائل المعارضة في إدلب، لا أنسى نظرة الانكسار في عيون والداتي حين أخبرتني أنها مضطرة للموافقة على زواجي، خوفاً من انتقام الخاطب، كما أخبرتني أن الزواج (سترة)، وحل لخوفها الدائم علي من التعرض لاعتداء أو تحرش يلحق بي العار”.
وبينت أن زوجها منعها من إنجاب الأطفال، وكان يعنفها ويضربها باستمرار، حتى وصل بهما الأمر إلى الانفصال والطلاق بعد قرابة سنة واحدة من زواجهما “لم أسلم من نظرة المجتمع كوني أصبحت مطلقة”.
الفقر هو ما دفع براءة حمادة (15 عاماً) النازحة في مخيم عين شيب شمالي إدلب، للموافقة على الزواج من مقاتل في صفوف ما تسمى بـ “هيئة تحرير الشام”، وعن ذلك تقول “استغل فقرنا وإعاقة والدي وطلبني للزواج، فوافقت أسرتي دون تردد، لأنه يسكن في منزل، ونحن بمخيم، ووضعه المادي أفضل من عائلتي التي تعتمد على المساعدات في تأمين لقمة عيشها”.
وتبرر ما فعله والداها اللذان قاما بإجبارها على الزواج والنهوض بمسؤوليات كبيرة تفوق قدراتها بالقول “أراد والداي أن أعيش حياة أفضل بعيداً عن المخيم، لكنه لم يمض على زواجنا سوى ستة أشهر حين قام بالزواج من امرأة أخرى، لتتحول حياتي إلى جحيم لا يطاق، وحين أخبرت أهلي برغبتي بتركه والانفصال عنه والعودة لمتابعة دراستي التي لم أكلمها رفضا ذلك، وقالا لي بأن من حقه أن يتزوج باعتباره مرتاح مادياً، ولا يجوز أن أطلب الطلاق لسبب كهذا”.
من جانبها أوضحت المختصة بالصحة المجتمعية جميلة العثمان (33 عاماً) من مدينة بنش شمالي إدلب، مخاطر الزواج بالإكراه “نظراً للأوضاع المادية المُتردية للنازحين وسكان المُخيمات، يُجبر الكثيرون على تزويج بناتهم من مقاتلين في أعمار صغيرة لتخفيف العبء عنهم”.
وأشارت إلى أن الأمر لا يخلو من المشاكل النَّفسية والجسدية، فالاكتئاب المُزمن أحد الأمراض التي تتعرض لها ضحايا هذا الزّواج، مؤكدة أن أغلبَ حالات الزواج من المقاتلين نتج عنها أضرارٌ نفسية واجتماعية وجسدية عدة على المرأة السورية، منها “الهجر” بسبب التنقل بين جبهات القتال مع انقطاع المعلومات عن المقاتل، أو قتله، إضافة إلى حدوث حالات حمل وإنجاب دون تسجيل هؤلاء الأطفال، وبعضهن تعرضن للتعنيف الجسدي أثناء فترة إقامتهن مع الزوج.
وطالبت جميلة العثمان بإنشاء مراكز متخصصة بدعم المرأة وحقوق الطفل، تقوم بعقد جلسات توعية حول مخاطر هذا الزواج، تستهدف فيه الأمهات والفتيات على حد سواء، وتشرح فيه بشكل مباشر الآثار المترتبة عليه، كما تقوم النساء بمشاركة قصصهن المتعلقة بهذا الموضوع.