العدد التاسع عشر .. النصف الاول من شهر نوفمبر عام ٢٠٢٣…النحافة لا تزال سيّدة عالم الأزياء والموضة

من غير المقبول أن يكون مقاس العارضة متوسطا في عالم الموضة، رغم أنه الأكثر شيوعا بين النساء في الحياة اليومية.

رغم أن مصممي الأزياء في السنوات الأخيرة فسحوا المجال للعارضات البدينات إلا أن النحافة مازالت العنوان العريض في عالم الموضة؛ حيث تُصمَّم الملابس لتناسب الأجسام النحيفة جدا.

باريس – “إنها الموضة يا عزيزتي، عليكِ فقط إنقاص وزنك”… عبارة لا تزال تتردد باستمرار في قطاع الأزياء رغم ظهور عارضات أزياء بدينات على منصات العروض، إذ تبقى النحافة العنوان العريض في عالم الموضة حيث تُصمَّم الملابس لتناسب الأجسام النحيفة جدا.

صارت إطلالة العارضات البدينات أكثر شيوعاً في نيويورك ولندن، وبشكل محدود في باريس، ويرمي ذلك إلى “إظهار أن العلامات التجارية أكثر شمولية”، لكن “في الواقع يتعلق الأمر بالحفاظ على نظام يعتمد النحافة المفرطة نموذجا”، كما يقول باولو فولونتي الذي يدرس علم اجتماع الموضة في ميلانو بإيطاليا.

وتظهر بيانات جمعتها مجلة “فوغ بيزنس” خلال الموسم السابق لأسابيع الملابس الجاهزة، فشلاً تاما من ناحية التنوع على منصات العروض.

فمن بين 9137 قطعة ملابس عُرضت خلال 219 عرض أزياء في نيويورك ولندن وميلانو وباريس، قُدّم منها ما نسبته 95.6 في المئة بواسطة عارضات نحيفات (مقاسات 32 – 36)، و0.6 في المئة فقط من الأزياء ارتدتها عارضات من أصحاب المقاسات الكبيرة (44 وما فوق)، و3.8 في المئة زيّنت أجسام عارضات يتراوح مقاسهن بين 38 و42.

وتقول إيكاترينا أوزيغانوفا (31 عاما)، وهي عارضة أزياء وطالبة الحقوق ومؤسسة جمعية تعنى بالدفاع عن حقوق العارضات، إن العلامات التجارية “ترفض تمثيل الأشخاص العاديين”. وتضيف أنه في عالم الموضة من غير المقبول أن يكون مقاس العارضة متوسطاً، وهو الأكثر شيوعا في الحياة اليومية، إذ “سيُعرض عليها إما إنقاص الوزن للعودة إلى القياس ‘الحقيقي’، أو الانتقال إلى قياس كبير جداً (إكس أل). وكلاهما غير صحي”.

وفي حديث مع وفد حقوق المرأة في مجلس الشيوخ الفرنسي في أبريل الماضي دقت أوزيغانوفا ناقوس الخطر محذرة من المخاطر التي تهدد صحة عارضات الأزياء اللاتي يضطررن إلى إنقاص الوزن أو زيادته بحسب الطلب.

وأجابت تسع من عشر عارضات بأنهن شعرن بضغط لتغيير مظهرهن “بشكل منتظم” (52.5 في المئة)، أو “من حين إلى آخر” (37.7 في المئة)، بحسب استطلاع أجري قبل الجلسات.

وتقول إيكاترينا أوزيغانوفا “من الصعب جدا التحدث عن الموضوع. يمكنك أن تتذمري من هذا الوضع على الإنترنت وسيجيبك الجميع ‘عزيزتي هذه أصول المهنة’”.

ورغم ذلك أُقرت نصوص في عام 2017 تفرض حصول العارضات على شهادة طبية إلزامية لمزاولة المهنة، في حين وقّعت مجموعتا السلع الفاخرة “أل في أم إتش” و”كيرينغ” في العام نفسه وثيقة تلزم بإلغاء المقاس 32 من طلبات التقدم لاختبار الأداء للعارضات، وهو من الإجراءات التي نادراً ما تُطبق.

وتشير أوزيغانوفا إلى أن إلغاء المقاس 32 لا يعني الكثير، لأن المقاسات تختلف حسب العلامات التجارية والمقاس 34 يمكن أن يكون صغيراً.

وقد تغيرت أيضاً معايير الجمال لدى الذكور. وتنتج “إرميس” ملابس بمقاس 48 لعروض الأزياء، حسب ما صرحت به أخيراً فيرونيك نيشانيان، مصممة المجموعات الرجالية منذ 35 عاما. وأكدت لصحيفة ليبراسيون “عندما بدأت عملي في عالم الموضة، كان قياس العارض 52 (…) وكان معيار الجمال المثير في ذلك الحين هو فتى الشاطئ مفتول العضلات!”. وتضيف أوزيغانوفا أن مفهوم “محو الجنس” هو ما يدفع المصممين إلى “البحث عن نموذج موحد للجسد”.

وبالنسبة إلى باولو فولونتي من الأسهل إنتاج أزياء على مستوى صناعي للأجسام الرفيعة دون منحنيات. ويضيف “تقنية وضع القياسات تعني البدء من قياس الصفر، ثم يزيد تدريجيا”.

لكن ذلك غير قابل للتطبيق بالنسبة إلى القياسات الكبرى لأن الدهون والعضلات لا تخضع لمنطق الخوارزميات. ويوضح “إنتاج وبيع الملابس بقياسات أكبر أمران مكلفان للغاية، ويتطلبان الكثير من المهارة”.

وصرح المصمم السعودي محمد آشين “من الناحية الصناعية لا يمكن إنتاج فستان بقياس كبير”، نافياً في المقابل أي “تمييز”.

من جهته يقول المصمم الفرنسي جوليان فورنييه “إن الأزياء الراقية التي تستند إلى مبدأ التصميم على المقاس أكثر مرونة”، مشيراً إلى أنه استعان بعارضات حوامل في عروضه.

وتتمتع عارضة الأزياء المفضلة لديه ميكايلا تومانوفا بجسد أنثوي و”ستة سنتمترات إضافية في كل مكان من جسمها مقارنة بالمعايير المعمول بها”.

وخلص إلى القول إن “الموضة تبقى الموضة” و”هي عالم خيالي”، و”هذا لن يتغير في الجوهر إطلاقا”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »